التحرش الجنسى الذى صار ظاهرة مصرية حقيرة ألقى المجتمع اللوم فى انتشاره على البنت كعادته، ومايدور من مناقشات حوله يؤكد كل ثانية مدى عنصرية هذا المجتمع الذى يتعامل مع المرأة بمنتهى الدونية والوضاعة مهما ادعى أنه يكرمها، وحتى الشرف هذا الذى كنت أتوهم أنه كلمة لها معنى واحد ومدلول واحد، هذا الشرف اتضح أنه عند الرجل «أُول سايز» وعند المرأة يقف على أبواب غشاء بكارتها فقط!، الرجل من الممكن أن يسرق ويظل شريفاً ولكن المرأة لو أحبت فقد فقدت شرفها!.

شرف المرأة فى مصر يخضع للتقسيم الطبقى، ففى دراسة مهمة للدكتور أحمد المجدوب أستاذ الاجتماع على ثلاث حالات اغتصاب شهيرة شغلت الرأى العام

المصرى منذ سنوات، كتب المجدوب عن كيفية تعامل واستقبال هذا الرأى العام لتلك الحالات، القضية الأولى هى القضية الشهيرة باسم فتاة المعادى، وهى الفتاة التى اغتصبها أربعة من عمال البناء الذين لمحوا أثناء سيرهم

ليلاً بعد انتهاء عملهم شاباً وفتاة يمارسان فعلاً فاضحاً، وهو الأمر الذى أثارهم جنسياً، فاندفعوا نحوهما لينحوا الشاب جانباً ويحلوا محله الواحد تلو الآخر، وبحثت الشرطة على الفور عن الجناة وتابعت الصحافة باهتمام مذهل وحكم مسبق حشده له الرأى العام، فصدر الحكم على وجه السرعة بالإعدام، أما القضية الثانية فهى قضية فتاة إمبابة التى اغتصبها سبعة رجال بعد بضعة شهور من حادث المعادى، والحكاية أن المرأة وزوجها كانا

لدى محاميهما فى مكتبه بشأن قضية لهما وعند نزولهما مع المحامى ليلاً خرج عليهم سبعة رجال اختطفوا السيدة وأخذوها فى عشة وتناوبوا اغتصابها حتى الصباح، وبعد القبض على الجناة انتظرنا أن تتحمس الصحف لفتاة إمبابة كما تحمست لفتاة المعادى، ولكن هيهات فقد لزمت الصحف الصمت، ومن اهتم ونشر كتب بالبنط الصغير، وصدر الحكم بسبع سنوات لكل منهم برغم أن الحالة الثانية كانت أخطر وأقسى، فقد كانت سيدة إمبابة تمشى مع زوجها ومحاميها وبكامل ملابسها، وعدد المغتصبين سبعة، ولكن الفرق بين الحكمين هو الفرق بين المعادى وإمبابة، أما القضية الثالثة فقد كانت قضية فتاة العتبة التى كانت تنتظر الأتوبيس فى موقف العتبة وأثناء الهرج والمرج الذى يحدث عند قدوم الأوتوبيس، امتدت يد أحد العابثين إلى ما تحت ثيابها

فصرخت وسقطت على الأرض وسقط فوقها بعض الركاب الذين اتهموا باغتصابها، وأصبح جسد فتاة العتبة مباحاً للجميع، وسألتها بعض الصحف: هل فقدت

بكارتك؟، بالطبع كانت مثل تلك الأسئلة حلالاً على فتاة العتبة وحراماً على فتاة المعادى لأن الثانية بنت ناس والأولى بنت بيئة!!، وهكذا خضع الشرف فى مصر للتقسيم الطبقى والتمييز العنصرى والظروف الاقتصادية.

هل استمع أحدكم إلى موال «متولى الجرجاوى» قاتل شقيقته « شفيقة»، المجتمع يرفعه على الأعناق ويتمايل مع كلمات الموال وتأخذه النشوة حين يصرخ المغنى مطالبا بالانتقام من شفيقة قائلاً:

قالت له يا أخويا تبت على إيديك

قال تتمحكى وتقولى حاتوبى وتقولى وعد ومكتوبى

دى رقعة ما تطلع من توبى.. يا متولى

الساعة دى بنتظرها بالسكين ضيع منظرها وعزل الجتة من زورها.. يا متولى

ويصرخ المطرب «وقعد يقطع فى شفيقة ويرمى فى الشارع وجت الحكومة قالوا له انزل يا متولى..

نزل يضحك ولا على باله.. وم السجاير طلع عباله..

وبوليس وأهالى فى استقباله.. يا متولى

وينتهى الموال بهذه الحكمة التى تجعل من متولى بطلاً فيقول:

متولى شريف من دى الساعة

وخلص م العار بشجاعة

والحكم ست أشهر إشاعة

وصعيدى عنده الشرف غالى

أرى النساء سبب البلاوى

فى مرضهم إحنا بنداوى

وعاش بشرفه الجرجاوى

وصعيدى عنده الشرف غالى.

وهكذا لخص الموال الشعبى الخالد رأى ما يسمى الوعى الجمعى الذى يطفو على السطح وقت الأزمات، فالمرأة هى سبب كل البلاوى وهن مريضات المفروض علينا أن نداويهن ونضعهن فى المصحات، والمهم أن متولى الجرجاوى عندما فصل الرقبة أو كما يقول الموال «الزور» عن الجسد بذلك يكون قد استرد شرفه الضائع.